لماذا نشعر بأن الوقت يمضي بسرعة عندما نستمتع ويتباطأ عند الملل؟
[ad_1]
قد تتفاجأ إذا علمت أن هناك سببًا علميًا يجعلك تشعر بأنَّ الوقت يمر بسرعة عندما تستمتع، ويمر ببطء شديد عندما تشعر بالملل، بالإضافة إلى شعورك بأنَّ الوقت أصبح أسرع مع تقدمك في السن مقارنةً بالوقت الذي كنت فيه صغيرًا. يُمكن أن تمر العديد من الساعات ونحن منغمسين في مُهمَّة أو هواية جذَّابة. وفي الوقت نفسه، قد تبدو مُجرّد دقيقة واحدة وكأنها أبدية عندما نشعر بالملل أو القلق. إنها تجربة شائعة جدًا لدرجة أنّ العديد من الأبحاث تم إجراؤها لتفسير هذه الظاهرة.
لقد درس العلماء الطريقة التي نشعر بها بالوقت، ووجدوا بالفعل أنه في حين يظل المقياس الأساسي للوقت ثابتًا ودقيقًا، فإنَّ إدراكنا له يظل خاضعًا لعوامل ذاتيّة خاصّة بكل فرد، فالدماغ لا يحتفظ بالوقت مثل الساعة العادية.
ولكن ما الذي يسبب هذا التصور الغريب للوقت؟ وما الذي يجعل الوقت يبدو وكأنه يتسارع أو يتباطأ؟ فيما يلي أهم الأسباب العلميّة لهذه الظاهرة.
اقرأ أيضًا: مهارات تنظيم وإدارة الوقت بشكل فعال
التعلم عملية مستمرة لا تنتهي، وكما يحتاج الجسم إلى الغذاء لينمو ويقوى، يحتاج عقلك أيضًا إلى غذاء خاصّ به، وغذاء العقل هو القراءة والعلم. اكتسب ثقافة عامة من خلال مقالاتنا
أسباب تجعلنا نشعر بأن الوقت يطير مسرعا عندما نستمتع ويتباطأ عندما نشعر بالملل
عندما نستمتع، يبدو لنا أن الوقت يمضي بسرعة، بينما عندما نشعر بالملل، يبدو أنه يتحرك ببطء شديد، وهذه بعض الأسباب التي تدفعنا للاعتقاد بذلك:
- الساعة الداخليَّة للدماغ
- الدوبامين
- الانتباه والذاكرة
- الدافع للوصول إلى الهدف
- السن
1. الساعة الداخليَّة للدماغ
لقد وجد علماء الأعصاب أن دماغنا يحتوي على ساعة داخلية قابلة للتكيُّف ويُمكنها توسيع أو تقليص الوقت بناءً على تجاربنا ووعينا بالأشياء من حولنا، حيث تلعب الساعة الداخلية للدماغ دورًا في إدراك مرور الوقت بسرعة أو ببطء. يتأثَّر هذا التصوُّر بعوامل مختلفة، بما في ذلك مستوى تفاعلنا وانتباهنا واستثارتنا.
عندما ننخرط في أنشطة مُمتعة أو محفزة، غالبًا ما يتم امتصاص انتباهنا بالكامل، وتقوم أدمغتنا بمعالجة المعلومات بنشاط. يمكن أن يؤدي هذا النشاط المعرفي المتزايد إلى الشعور بأن الوقت يمر بسرعة لأن تركيزنا مُوجَّه نحو الخارج، وبالتالي قد لا نكون على دراية بمرور الوقت.
على العكس من ذلك، عندما نشعر بالملل أو ننخرط في مهام عاديَّة تتطلب القليل من الجهد الذهني أو التحفيز، قد ترى أدمغتنا أن الوقت يمر ببطء. في هذه المواقف، قد يتشتت انتباهنا، ونصبح أكثر وعيًا بمرور الوقت بسبب قلة المحفزات الخارجية التي تشغل عقولنا.
بناءً على نموذج “ساعة الدماغ” هذا، تنتج أدمغتنا نبضات على فترات زمنية معينة، والتي تُمثّل مرور الوقت. عندما نكون متحمسين أو خائفين، تنتج أدمغتنا المزيد من النبضات في فترة معينة، مما يجعل الوقت يبدو وكأنه يتباطأ، وعندما نكون مسترخيين أو مشتتين، تنتج أدمغتنا نبضات أقل، مما يجعل الوقت يبدو وكأنه يتسارع.
اقرأ أيضًا: مهارات يجب عليك اكتسابها: إدارة الوقت وترتيب الأولويات
2. الدوبامين
الدوبامين هو ناقل عصبي مُرتبط بالمتعة والمكافأة والتحفيز، حيث يفرزه الجسم عند المرور بالتجارب المُجزية بالنسبة لنا أو التي نحب القيام بها. طبقًا لدراسة تم نشرها بواسطة المكتبة الوطنية للطب، فإنّ نشاط الدوبامين في الدماغ يُمكن أن يؤثر على تجربتنا الشخصيّة مع الوقت. عندما تكون مستويات الدوبامين مُرتفعة، كما هو الحال أثناء تجارب المتعة أو الإثارة، قد يبدو أن الوقت يمر بسرعة أكبر. يمكن أن تحدث هذه الظاهرة لأن الدوبامين يعزز تركيزنا وانتباهنا على المحفزات المكافئة، مما يؤدي بنا إلى أن نصبح أكثر استيعابًا في اللحظة الحالية وأقل وعيًا بمرور الوقت.
على العكس من ذلك، قد تؤدي الاضطرابات في وظيفة الدوبامين أو انخفاض مستويات الدوبامين إلى تغيرات عكسيّة في إدراك الوقت. على سبيل المثال، يمكن أن ترتبط حالات مثل مرض باركنسون، الذي يتميز باستنفاد الدوبامين، بالتغيرات في إدراك الوقت، بما في ذلك الشعور بأن الوقت يمر ببطء أكبر.
بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ الأدوية التي تؤثر على نشاط الدوبامين، مثل المنشطات أو الأدوية المستخدمة لعلاج اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، يمكن أن تؤثر أيضًا على إدراك الوقت. يرجع السبب وراء ذلك إلى أنّ هذه المواد تُغيِّر مستويات الدوبامين في الدماغ، مما قد يؤثر على كيفية إدراك الأفراد لمرور الوقت.
ووجد الباحثون في مجال علوم الأعصاب أنّ هناك مجموعة من الخلايا العصبية مسؤولة عن إفراز الدوبامين، وعندما نقضي وقتًا ممتعًا، تكون هذه الخلايا أكثر نشاطًا وتفرز الكثير من الدوبامين، فتشعر أن الوقت يمر سريعًا. والعكس صحيح عندما لا تكون مستمتعًا، فلا تفرز هذه الخلايا قدرًا كبيرًا من الدوبامين وبالتالي يبدو لك أنَّ الوقت يتباطأ.
اقرأ أيضًا: 10 طرق عملية لفعل الكثير خلال وقت قليل
3. الانتباه والذاكرة
أحد العوامل الرئيسية في إدراكنا للوقت هو مستوى انتباهنا وكثافة ذاكرتنا. فعندما ننخرط في مهمة ما أو نستمتع بأنفسنا، فإننا نولي اهتمامًا أقل لمرور الوقت، مما يجعل الوقت يمر بشكل أسرع. من ناحيةٍ أخرى، عندما نشعر بالملل أو الانتظار، فإننا ندرك تمامًا كل ثانية، مما يجعل الوقت يبدو وكأنَّه يزحف ببطء شديد.
تلعب ذاكرتنا أيضًا دورًا حاسمًا في هذه المعادلة، فعندما نقضي وقتًا ممتعًا، لا يقوم دماغنا عادةً بتخزين ذكريات تفصيليَّة، لذلك يبدو أن الوقت قد مر بسرعة عند النظر إلى الوراء. على العكس من ذلك، خلال فترات الملل، يميل دماغنا إلى تخزين المزيد من المعلومات، مما يخلق الانطباع بأن الفترة استمرت لفترة أطول عندما نتذكَّرها لاحقًا.
4. الدافع للوصول إلى الهدف
يُمكن لوجود الدافع أو الحافز الداخلي أن يؤثر بالفعل على إدراكنا لمرور الوقت، فعندما نكون متحفزين للغاية ونُركِّز على تحقيق هدف مُحدَّد، فإننا غالبًا ما نصبح منخرطين بعمق في المهام المرتبطة بهذا الهدف. ونتيجةً لذلك، يتجه انتباهنا نحو اللحظة الحالية، وقد نفقد إحساسنا بالوقت لأننا منغمسون تمامًا في النشاط.
أظهرت دراسة نشرت نتائجها عام 2012 في مجلة علم النفس التابعة لجمعية العلوم النفسية أنَّه عندما يسعى الأفراد لتحقيق أهداف ذات معنى شخصي أو تُمثِّل تحديًا بالنسبة لهم، فمن المُرجَّح أن يواجهوا حالة تُعرف ب “التدفُّق”. تتميَّز حالة التدفق هذه بالتركيز الشديد، والشعور بالسيطرة على مجريات الأمور، والإدراك المشوه للوقت، حيث قد يشعر الأفراد بأن الوقت يمر بسرعة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن توقع تحقيق النتيجة المرجوة يمكن أن يؤثر أيضًا على إدراكنا للوقت. ببساطة، عندما نتحفَّز باحتمالية الوصول إلى هدف ما، قد نشعر بإحساس بالإثارة أو اللهفة، مما قد يجعل الوقت يبدو وكأنه يمر بسرعة أكبر بينما ننتظر النتيجة بفارغ الصبر.
أضف إلى ذلك أنّه عندما يواجه الناس مشاعر أو حالات إيجابيَّة، فإنَّهم يشعرون أن الوقت يمر بشكلٍ أسرع مما يحدث عندما يواجهون مشاعر سلبية. ومع ذلك، فقد أظهرت الأبحاث أدلةً على أن الحالات الإيجابية ليست جميعها متساوية. بمعنى آخر، عندما يتحرَّك الوقت بشكلٍ أسرع، فهذا نتيجة لرغبتنا الشخصيّة في الاقتراب أو مُتابعة شيء ما، وليس تأثيرًا عامًا نتيجة زيادة الاهتمام أو الإثارة الفسيولوجيّة.
اقرأ أيضًا: 12 طريقة فعالة كي تخصص وقتا للقراءة
5. السن
يبدو أيضًا أن الوقت يتسارع مع تقدمك في السن. عندما تكون طفلاً، يكون كل شيء جديدًا، وبالتالي يضع دماغك شبكات كثيفة لتذكر تلك الأحداث والتجارب، مما يجعل الوقت يبدو وكأنَّه يتباطأ. عندما تصبح شخصًا بالغًا، تصبح تجاربك متكررة ولا تحفز أو تشكل ذكريات جديدة، مما يجعل الوقت يبدو وكأنَّه يتسارع.
أحد الأسباب وراء ذلك هو ما يسميه علماء النفس بالنظرية التناسبيّة والتي تُشير إلى أنَّه مع تقدمنا في العمر، تُشكّل كل وحدة زمنيَّة (سنة على سبيل المثال) نسبةً أصغر من إجمالي عمرنا. على سبيل المثال، قد تبدو السنة أطول نسبيًا بالنسبة لشخص يبلغ من العمر 10 سنوات مقارنةً بشخص يبلغ من العمر 50 عامًا لأنها تمثل جزءًا أكبر من حياة الشخص الأصغر سنًا. وهذا يمكن أن يساهم في الشعور بأن الوقت يمر بسرعة أكبر مع تقدمنا في السن.
بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الأدلَّة العلميّة التي تُشير إلى أنَّ بعض التغيُّرات الفيسيولوجيّة التي تحدث في الدماغ مع تقدُّم العمر تؤثر على إدراكنا للوقت. على سبيل المثال، يُمكن للعوامل المعرفية مثل الذاكرة وسرعة المعالجة أن تؤثر على إدراك الوقت. مع تغير القدرات المعرفية مع تقدم العمر، يتغير أيضًا إدراكنا للوقت.
اقرأ أيضًا: كيفية تنظيم وقتك في رمضان لتحقيق أكبر استفادة ممكنة!
هل الشعور بالوقت حكر على الإنسان فقط؟
لا تقتصر تجربة مرونة الوقت على البشر فقط، إذ تُظهر الأبحاث أن الحيوانات تمتلك أيضًا إدراك مرن للوقت، ولديها تجربتها الشخصيَّة الخاصة بالوقت، والتي تتأثر بعوامل مثل وظائف الأعضاء، وقدراتها المعرفيَّة، والعوامل البيئيَّة. على سبيل المثال، غالبًا ما تتوقع الحيوانات الأليفة أوقات الوجبات وقد تُصبح مضطربة أو صاخبة أو أكثر حركةً عند تأخير الطعام. بالإضافة إلى ذلك، قد تُظهر الحيوانات البريَّة أيضًا سلوكيات تشير إلى أنها تدرك كم من الوقت تحتاجه للانتظار والانقضاض في الوقت المُناسب على فرائسها.
وغالبًا ما يكون لدى الحيوانات إيقاعات يوميَّة من النشاط والراحة، حيث تنشط الحيوانات الليلية أثناء الليل وترتاح أثناء النهار، بينما تنشط الحيوانات النهارية أثناء النهار وترتاح أثناء الليل. تشير هذه الأنماط إلى وجود ساعة بيولوجية داخلية تساعد في تنظيم دورات النوم والاستيقاظ تمامًا مثل الإنسان.
علاوةً على ذلك، تُظهر العديد من الحيوانات سلوكيَّات موسميَّة، مثل التزاوج والهجرة والبيات الشتوي، والتي تكون موقوتة مع التغيرات في البيئة. على سبيل المثال، تهاجر الطيور إلى المناخات الأكثر دفئًا في الشتاء وتعود في الربيع قبل أن يحدث تغيير حقيقي في الجو. بمعنى أنّ الطيور تبدأ رحلتها بسبب شعورها بالوقت وإدراكها لقرب الشتاء وليس بسبب تغير مناخي فعلي يدفعها للهجرة. تشير هذه السلوكيات إلى القدرة على إدراك التغيرات في الوقت على مدى فتراتٍ أطول.
اقرأ أيضًا: كيف تدير الحوارات الصعبة والنقااشات الحادة في العمل؟
اكتشف استراتيجيات العمل الحر وأسرار تحقيق الربح من الإنترنت من خلال دورة مكثفة عبر الإنترنت على موقعنا. سجل في الدورة الآن
في الختام، فإنَّ شعورنا بمرور الوقت سريعًا خلال اللحظات الممتعة وتباطؤه أثناء الأنشطة المُملَّة ما هو تفاعل معقد بين العوامل النفسيّة والعصبيّة والبيئيّة. عندما ننخرط في تجارب مُحفِّزة أو ذات مُمتعة، يتم استهلاك انتباهنا بالكامل، وتغمر أدمغتنا بالنواقل العصبية مثل الدوبامين، مما يعزز تركيزنا ويُشوِّه إدراكنا للوقت.
وعلى النقيض، خلال فترات الملل أو الرتابة، قد تفتقر أدمغتنا إلى التحفيز الكافي، مما يؤدي بنا إلى أن نصبح أكثر وعيًا بمرور الوقت فنشعر وكأنّه يمر ببطء. بالإضافة إلى ذلك، فإن الفروق الفرديّة والعمليات المعرفيّة في دماغ كل شخص تزيد من تشكيل تجربتنا الذاتيّة مع الوقت.
إنَّ فهم الآليات الكامنة وراء هذه النظرة النسبية للوقت لا يلقي الضوء على الجوانب الأساسيَّة للإدراك البشري فحسب، بل يقدم أيضًا نظرة ثاقبة حول كيفية إدارة وقتنا بشكلٍ أفضل. فلا شكّ أن فهم كيفيّة إدراك أدمغتنا للوقت هو الخطوة الأولى لتسخير هذا الوقت وتحقيق أكبر قدر من الإنجاز في الحياة.
وأخيرًا، إذا أعجبك هذا المقال فقم بمشاركته مع أصدقائك، ولا تتردد في استعراض المقالات السابقة والاشتراك في موقعنا ليصلك كل جديد.
اقرأ أيضًا: إرهاق العمل عن بعد: طرق فعالة لتتغلب عليه وتبقى نشيطا
اقرأ أيضًا: كيف تتعامل مع ضغوط العمل بطريقة صحيحة؟
اقرأ أيضًا: المنافسة في العمل: مميزاتها وسلبياتها
المصادر: miragenews، vocal.media، ncbi
Source link