التنمر الإلكتروني: مفهومه وطرق مواجهته
[ad_1]
لانا، طفلة في الثالثة عشر من عمرها، فتاة ذكية ذات حسٍ عال ومُرهف، ومهارات اجتماعية فذّة قدّر عليها أن تُكبت، وثقة جميلة بالنفس أخذت في التلاشي حتى بهُتت…كلّ هذا بسبب بيت الأسرية المرهَق الذي عاشت فيه لانا حيث تصحرت المودة وأخذت الفجوات تزداد عددًا بين أفراد المنزل ويرتفع صوت الجدل ويُخنق صوت الضحكات..
انتقلت لانا للعيش مع والدها بعد انفصاله عن والدتها وبدورها احتلّت مقعدًا دراسيًا جديدًا في مدرستها الجديدة في صفها الجديد. وبطبيعة حال الحياة الجديدة التي أُقحمت فيها بطلتنا الصغيرة من دون أي اعتبار لما قد تقاسيه، لم يكن أمام لانا أيّ حيز لصداقات جديدة أو حتى للزمالة، فأخذت تنعكف بعد يومها الدراسي على هاتفها المحمول لتغوص فيما قد ينسيها واقعها الجديد ويشغل شاغر الوحدة فيه.
تعرّف/ي على مجموعة من النصائح والمعلومات المهمة لضمان سلامتكم في العالم الرقمي والتصدي لممارسات التحرش الإلكتروني انضم الآن!
وفي يوم ما، تلاحظ لانا اهتمام أحدهم بها في الأرجاء.. صبي يغدق عليها الإعجابات على صفحتها في إحدى منصّات التواصل الاجتماعي، إنه يراها ويلاحظها.. وهي بدورها بادلته بعضًا من اهتمامها، وأخذ الاهتمام في التبادل على مدار أسابيع حتى أضحى صداقة وثيقة لينتهي بعلاقة عاطفية إلكترونية.
أخيرًا وجدت طفلتنا لانا من بمقدورها أن ترمي إليه ببعض ما يثقلها، حتى وإن لم تقابله يومًا فإنه أفضل شخص حاضر بوسعها أن تسُرّ إليه ما كان يجوب في بيتها وكيف أن انفصال أبيها عن أمها كان مشهدًا دراميًا لن تنساه، وكيف أن حياتها الجديدة لا تتسع لها لكي تنمو أو تنتمي.
نامت لانا يومها وهي أخفّ من أي وقتٍ مضى، نامت وهي مطمئنة لحقيقة أنها ليست وحيدة بعد الآن، لتذهب في صباح اليوم التالي إلى مدرستها متجهة إلى صفها الذي لم يكن أقل غربة مما بدا عليه من قبل…
الجميع يحدقّ بها، تلونت النظرات بين شفقة مريرة واستهزاء وسخرية واستنقاص؛ لتستوعب لانا وأخيرًا أن صديقها الإلكتروني لم يكن سوى إحدى زميلات صفها التي أخذت من فضولها عن الفتاة الانطوائية الجديدة عذرًا كي تقتحم عزلتها ووسيلة للترفيه والتسلية بين أصدقاء مجموعتها.
يا لها من طريقة ثقيلة لنستهلّ بها المقالة ولكن، لماذا تبدو هذه القصة مألوفة جدًا؟ حيث لا تعلم أين يبدأ وينتهي الخطأ، وما هو الخطأ بالتحديد ومن هو المخطئ في سياق لا يعد فريدًا من نوعه، فيلعب المتنمر دور البطولة فيه ويقتات على ضحية تقبع في الكفة الأضعف والأكثر تكشفًا.
إنّ ما تم استعراضه في القصة أعلاه هو أحد صور التنمر الإلكتروني التي تكثر أشكاله وتتعدّد صوره وطرقه والذي سنستأنف حديثنا عنه في الأسطر المقبلة، فنستعرض مفهومه وطرق مواجهته والمزيد من التوعية بشأنه للحماية منه.
اقرأ أيضًا: خصائص ومهارات الذكاء الاجتماعي
مفهوم التنمر الإلكتروني
يتلخص مفهوم التنمر الإلكتروني في جميع الأفعال التي تهدف إلى زعزعة الضحية المستهدفة نفسيًا أو اجتماعيًا وذلك من خلال مراسلة ونشر أو مشاركة معلومات أو صور خاصة أو مفبركة بهدف إيذاء أحدهم والتسبب لهم بالإحراج أو بغرض اشعارهم بالإهانة.
بينما يسهل علينا تمييز التنمر المتعارف عليه المتمثّل في الأذية الجسدية أو اللفظية المباشرة، يتوارى التنمر الإلكتروني في طيات ودهاليز رقمية لا يُخلّف فيها أذىً ملموسًا، سوى أن لطخاته على نفسية الضحية قد تضل دائمة لا تزول ولا تُرى. ولا يظهر التنمر الإلكتروني لوحده دون جهاز رقمي يحتضنه، حيث يتجلى هذا النوع من التنمر عبر الرسائل النصية والتطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي بأشكالها ناهيك عن ألعاب الفيديو وخصوصًا تلك التي تتيح مساحات للدردشة ومشاركة المحتوى. أمّا عن قنواته وأشهر المنصّات التي يكثر فيها، فنذكر منها:
- مواقع التواصل الاجتماعي: كالفيسبوك، وإنستغرام، وتيك توك، وسناب تشات
- الرسائل النصية وتطبيقات المراسلة على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية
- المراسلة الفورية والمباشرة أون لاين على الإنترنت
- الإيميل
- مجموعات اللعب أون لاين
ومع انتشار المنتديات ومواقع التواصل التي من خلالها تُخلق المحتويات وتُشارك الصور والنشرات حيث يتمكن كلّ من المعارف والغرباء على حدّ سواء من الاطلاع عليها، تتكون سمعة رقمية راسخة للشخص فتصبح نشاطاته ومشاهداته بل وحتى سلوكياته الإلكترونية سجلًّا عامًا أو بالأصح مرجعًا متاحًا لجميع الجهات التي يقدّم عليها هذا الشخص، سواء من مدارس أو جامعات أو وظائف أو أندية، أو حتى كنتيجة بحثٍ حالية سريعة أو مستقبلية، الأمر الذي يزيد من نسبة التنمر الإلكتروني واحتمالات حدوثه ضمن هذه البيئات.
خصائص التنمر الإلكتروني
يتميّز التنمر الإلكتروني عن غيره من أنواع التنمر بالسمات الثلاث التالية:
- مستمر: وذلك ما يحول بين راحة البال والأطفال الذين يعانون من التنمر؛ إذ أن الأجهزة التي في متناول أيديهم تتيح لهم هذا النوع من التواصل الفوري والمستمر على مدار الساعة في أي مكان يكن.
- أبدي: إن لم يبلّغ عن هذ الاعتداء وتزال المعلومات أو الصور أو المحتوى الذي يراد به الحاق الضرر من فوره، فإنه يدخل في طور الأبدية في العالم الإلكتروني وعلى مرأى من أعين الجميع حيث يستحال طمسه، وهذا ما يتجلى كسمعة رقمية سيئة للمتنمر وللمتنمر عليه فتؤثر على جميع جوانب الحياة العملية أو الدراسية وغيرها.
- صعب الملاحظة: يصعب على المربين والمعلمين إدراك ما قد يخوض فيه الأطفال وخصوصًا المراهقون من تنمر إلكتروني، إذ أنه لا يحدث في الواقع الملموس؛ أي الواقع المشترك بينهم وبين طلابهم أو أبنائهم.
اقرأ أيضًا: أخلاقيات التعامل مع الإنترنت
أنواع التنمر الإلكتروني
أمّا عن أنواعه، فالتنمر الإلكتروني ينقسم إلى أنواع متعددة مختلفة، نذكر أهمّها:
- الهجاء الإلكتروني
- تنمر صناع المحتوى
- التنمر الجماعي (النبذ الإلكتروني)
- التجسس
- الملاحقة الإلكترونية
1- الهجاء الإلكتروني
ويكون في التنابز بالألقاب والتجاوزات اللفظية التي يتراشقها مستخدمو منصات التواصل في المنشورات وقسم التعليقات ولا يخرج هذا الهجاء من نوعه عن تمجيد العنصرية والتحدث باسم الكراهية والتقليل من الآخر ودحض مشاعره، ناهيك عن ألفاظ التحرش المؤذية الضاربة بالأخلاق والمجتمع عرض الحائط والتي يطلقها البعض على صور الآخرين ومشاركاتهم في مثل هذه المواقع.
2- تنمر صناع المحتوى
لا شيء أكثر وطأة على نفسية المستهدف من أن يستهزأ به أو يتنمر عليه شخص ذو صيت إلكتروني مهيب كمؤثر ما أو صانع محتوى يبلغ عدد متابعيه ما يماثل عدد سكان مدينة بأكملها، ويعدّ هذا النوع أسهل أنواع التنمر في نشر العنصرية والكراهية وما يتبعهما من الأذى النفسي والوصمة الاجتماعية التدميرية والتي قد يتسبب بهما المؤثر إن لم يكن مسؤولًا ومدركًا لعمق أثر أقواله وأفعاله.
3- التنمر الجماعي (النبذ الإلكتروني)
وهو غالبًا ما يكون نتيجة للنوع الذي يسبقه، حيث يُنبَذُ المستهدف اجتماعيًا في العالم الإلكتروني الموازي للعالم الواقعي بعد حملات إلكترونية نالت من سمعته ونجحت في تحقيره ونبذه من مجتمعه، أو عندما يتعمد مجتمع أو مجموعة ما ترك المستهدف خارج نطاق دائرتهم؛ كطرده من أنشطة الإنترنت أو مواقع اللعب وغيرها.
4- التجسس
ويكون هذا الفعل المشين أسهل ارتكابًا في العالم الرقمي منه على أرض الواقع، وذلك عبر برامج وتطبيقات رقمية تم تصميمها خصّيصًا للتلصص على خصوصيات الآخرين وهتكها ومن ثم القيام بابتزازهم أو التشهير بهم وإضرار حياتهم العائلية والعملية والاجتماعية بأكملها.
5- الملاحقة الإلكترونية
يتمثل هذا النوع من التنمر في الرسائل المزعزعة التي يتلقاها المستهدف باستمرار من المتنمر بهدف تهديده ومضايقته أو تخويفه وهو ما يجعل المستهدف خائفًا على سلامته ويعيش في هلع وقلق دائمين.
اقرأ أيضًا: 9 أنواع من مصاصي الدماء العاطفيين الذين يجب أن تبتعد عنهم
أمثلة على التنمر الإلكتروني
يصعبٌ غالبًا تحديد واكتشاف التنمر الإلكتروني، وذلك بسبب خفائه وتستّره خلف قناع المزاح وألوان السخرية الطريفة. لكن لابدّ من أن نكون أكثر وعيًا وتيقّظًا لنتمكّن من التعرّف على هذا النوع من التنمّر في مراحله الأولى.
فيما يلي بعض من أمثلة التنمّر الإلكتروني الأكثر شيوعًا:
- ترك تعليقات مؤذية أو ساخرة على الإنترنت ونشر إشاعات في مختلف المنصات لإحراج الشخص المستهدف وتحقيره والتقليل من شأنه.
- التهديد والوعيد بالإيذاء أو حتى مجرد كتابة كلمات غير مسؤولة ومؤذية كهذه:” فلتقتل نفسك، ألقي بنفسك من حافة جرف، اذهب ومُت”
- القيام بنشر أو تصميم مقاطع فيديو أو صور أو ردات فعل (reactions memes) تؤذي المستهدف وتربط به النكتة للأبد.
- تزييف الهوية الحقيقة لصاحب حساب موقع التواصل، وذلك بهدف التجسس واستقصاء معلومات المستهدف الخاصة أو تشويه سمعته بتزييفها ونشرها كإشاعات تضرّ به.
- نشر تعليقات وصور كارهة، أو نكات عنصرية تمسّ الصفات الشخصية، وذلك كالتهكّم على أعلام ترمز لجنسيات مختلفة أو أديان أو بلدان أو أعراق.
- خلق صفحة معينة كمدونة أو ما شابه وتسخيرها لإيذاء أحدهم، وتتبع زلّاتهم أو تسليط الضوء على عيوبهم الظاهرة منها والخفية، حقيقة كانت أو مزيفة.
- إسقاط الوثائق أو ما يعرف بالـ (doxing)، ويكون ذلك عن طريق نشر جزء من معلومات شخصية كصورة الهوية الشخصية، أو عنوان المنزل، أو رقم الهاتف، أو الضمان الاجتماعي، أو البطاقة المصرفية، أو روابط الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي وما شابه؛ وذلك بدافع الانتقام والإيذاء حيث تُخترق خصوصية المستهدف وتستباح للعامة.
اقرأ أيضًا: خمس طرق للتخلص من السلبية وتحقيق السلام الداخلي
بؤر التنمر الإلكتروني
وبما أن محور مقالتنا يدور حول خطر نفسي يترصد بشريحة المراهقين والأطفال أكثر من غيرهم، فإنّ لهذا الخطر أماكن رقمية معينة لا يخطؤها المتنمرون، ألا وهي:
- وسائل التواصل الرقمية
- ألعاب الفيديو
1- وسائل التواصل الرقمية
تكوّن منصات التواصل الرقمية مساحة عجيبة وخلّاقة للأجيال الناشئة، فيعبر الأطفال والمراهقون تحديدًا من خلالها عمّا يدور في دواخلهم، ويُظهرون فيها إبداعهم في صنع مختلف أنواع المحتوى الذي يعبرون من خلاله عن مشاعرهم ويرتبطون به مع قرنائهم من دون أي تكلفة تذكر ولا أي صعوبة في البحث عن الأشخاص وتكوين العلاقات الجديدة، وهذا هو السبب نفسه الذي يجعل من هذه المنصات بؤرة مثالية للمترصدين والمتنمرين.
يشكّل هذا الأمر تحديًا جديدًا للآباء حيث قد تبقى نوعية التطبيقات التي لا ينفك أبنائهم عن استعمالها كمساحة أو مخرج لما في أنفسهم مجهولة لهم، وبالتالي تظل العواقب بالرغم من وخامتها مجهولة، ويكمن الخطر في ترصد المتنمرين للضحايا من خلال هذه التطبيقات عن طريق المراسلة، والمكالمات التي يختفي سجلها وأثرها من الجهاز بمجرد انتهائها وهذا بدوره ما يسهل الوصول إلى أنواع لا تعدّ ولا تحصى من المحتوى المؤذي. ناهيك عن أن إعدادات خصوصية المعلومات والموقع في معظم هذه التطبيقات هي ما يجعلهم لقمة سائغة للمتنمرين، وللمتعقبين، أو حتى لأنواع أخرى متنوعة من الملوثات الإلكترونية.
اقرأ أيضًا: كيف تجعل الاخرين يأخذونك على محمل الجد ؟
2- ألعاب الفيديو
قلمّا يخلو منزل من هاوٍ أو محترف لألعاب الفيديو كبيرًا كان أو صغيرًا، وكما هو الحال فإن الغالبية العظمى من محبي هذه الألعاب هم من المراهقين والأطفال، حيث أن 70% من اللاعبين حول العالم هم أشخاص لا تزيد أعمارهم عن الثامنة عشرة.
بعض هذه الألعاب انفرادية بطبعها في حين أنّ البعض الآخر متعدد اللاعبين. وممّا تختص به الألعاب التي لا يمكن إلا أن تكون متعددة اللاعبين أنها تتيح لمستخدميها اللعب مع أشخاص آخرين سواء كانوا على معرفة واقعية أو رقمية عبر الإنترنت، ناهيك عن أن 65% من اللاعبين بمختلف أعمارهم من حول العالم يقرّون بتفضيلهم للعب مع أشخاص آخرين على أن يكتفوا بالألعاب الانفرادية، وتُلعب مثل هذه الألعاب على جهاز الكمبيوتر أو على أجهزة الألعاب المختلفة كـ: Nintendo GameBoy، PlayStation Portable وغيرها، أو على أجهزة الجوال والأجهزة اللوحية.
ونظرًا لأن اللاعب قادر على إخفاء هويّته في هذه الألعاب من خلال استخدام أسماء وشخصيّات مستعارة، تزداد في هذه البيئة نسبة التنمر الإلكتروني وحدّته، والذي لا يمكن بأيّ شكل من الأشكال تقييده أو السيطرة عليه. فكيف لك أن تحاسب شخصًا افتراضيًا؟ أو أن تضع رقابة على كيان رقمي مزيف لا تعرف عن تفاصيله شيئًا؟!
ماهي دوافع المتنمر؟
قد يراود الكثيرين سؤال حول دوافع المتنمر والأسباب التي تدفعه للقيام بما يقوم به من أذى وترصّد للآخرين.
لقد اتفق الباحثون والخبراء على أنّ المتنمر، إلكترونيا كان أو على أرض الواقع، ليس شخصًا سويًّا، ولخّصوا لنا عددًا من الأسباب والدوافع التي تقف وراء تصرّفاته هذه، حيث يمكننا تلخيصها في الآتي:
- شح التعاطف الإنساني
- نشوة السُلطة والقوة
- حياة مملة وفارغة
- غياب الرقابة والإشراف الأسر
1- شح التعاطف الإنساني
هناك نظرية تقرّ بأن مجرمي التنمر الإلكتروني يفتقرون إلى أبسط مبادئ التماس التعاطف للآخرين، فضلًا عن أن انعدام التواصل المباشر والفعلي مع غيرهم واستشعار ردود أفعالهم عبر محطات العالم الرقمي ساهم بضراوة في تعزيز هذا التنمر والانخراط فيه.
2- نشوة السُلطة والقوة
فمن خلال راحة وأمان بيته وبلا أي اعتبار للعواقب المحتملة، يقبع المتنمر هناك وهو ينفث ما طاب له من سمومه في ضحاياه الرقميين مستشعرًا بذلك عظمته وانتصاره وقوة حجته ولا سيما إذا ما صادف من يشجعه ويصفق له على مجده الإلكتروني المشين؛ معتقدًا بذلك أنه يحوز على قبول المجتمع وتأييده.
هذا الأمر غالبًا ما يكون نتيحة عجز المتنمر على أرض الواقع وضعفه أمام أقرانه، بل قد يكون هو نفسه ضحية للتنمر على أرض الواقع، ما يجعله يصبّ جام غضبه وقهره على الآخرين ممّن هم أضعف منه في العالم الافتراضي.
3- حياة مملة وفارغة
حين ينعدم المعنى وتكون الحياة لمجرد الوجود بلا أي هدف يقودها ويدب الروح فيها، فإن المتنمر يجعل من أذيته الإلكترونية هدفًا يتنفس لأجله ومتعة يستمد البهجة والتشويق منها، بل وربما هي التي تخلق له قيمة بين المجموعة التي ينخرط فيها؛ فيتمثل ذلك بتعزيز شعور الانتماء لديه.
4- غياب الرقابة والإشراف الأسري
فمع افتقار المتنمر إلى الاهتمام الأبوي وبالتالي الإشراف والإرشاد الذي يقتضيه عمره من الأبوين، يغوص المتنمر في هذا التيار استجداءً لِلفت الانتباه وجهلًا بعواقب ما يقترفه من جرم إلكتروني.
اقرأ أيضًا: ماهو الشغف؟ وكيف أحدد شغفي؟
آثار التنمر الإلكتروني وعواقبه على الضحية
- العزلة الدائمة وخصوصًا عن المجتمع المحيط من العائلة والأصدقاء والمحبين.
- تقلبات مزاجية حادة بين الحزن والغضب ولا سيما بعد قضاء الوقت أمام شاشة الهاتف الذكي أو الحاسوب أو الأجهزة اللوحية.
- صعوبة في التركيز ينجم عنها إهمال الدروس وتدني التحصيل الدراسي.
- صداع مفاجئ ومشاكل بالمعدة تحديدًا في الجهاز الهضمي.
- التملص من النشاطات التي كان الشخص (ضحية التنمر) يستمتع بممارستها قبل تعرضه للتنمر.
- شعور بالعار يصحبه تدني في احترام الذات وافتقار للقيمة والأهمية.
- مشاكل واضحة بالثقة في الآخرين وحتى الثقة بالنفس.
- خمول غير مبرر وسلوك ينمّ عن اللامبالاة، سواء كان تجاه النفس أو تجاه المجتمع.
- فقدان الوزن أو ازدياده بشكل ملحوظ في فترة معينة.
- أفكار أو أحاديث أو أفعال سوداوية تدور حول إيذاء النفس أو حتى الانتحار.
- تطوّر الأفكار السوداوية إلى أفعال حقيقية على أرض الواقع (إيذاء النفس حقًا ومحاولات الانتحار).
اقرأ أيضًا: مهارات إدارة الغضب
كيف يمكن أن نواجه التنمر الإلكتروني؟
تبدأ الحماية من هذا التنمر والتصدي له مع وعي الآباء والمربين بحجم المخاطر الرقمية التي قد تحيط بالجيل الناشئ ومدى عمق أثرها النفسي أو حتى أبديته عليهم، ومن هنا يستطيع البالغون أن يبحثوا عن منظمات على الإنترنت تقدم توعية عميقة بخصوص منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقاته وأكثر الألعاب انتشارًا بين مجتمع المراهقين والأطفال، وبالتعلم عن المخاطر التي ترافق هذه المنصات وعن خصائص الأمان المهمة.
يستطيع الآباء بعدها أن يتخذوا قراراتهم بناءً على وعي حقيقي بالطريقة المناسبة التي سيستخدم أو لن يستخدم بها أطفالهم هذه التطبيقات.
أمّا للتقليل من مخاطر التنمر الإلكتروني يمكن للآباء والمربين اتباع النصائح التالية:
- توعية الجيل الجديد حول السلوكيات المقبولة (وغير المقبولة) على شبكة الإنترنت، وتثقيفهم حول السمعة الرقمية وأهميتها على المدى البعيد.
- تعريف الجيل الناشئ بتأثير التنمر الإلكتروني وضرره، سواء عن طريق نشر التعليقات الكارهة، أو المحتوى غير اللائق، أو غيره من التصرفات التي قد تؤدي إلى المساءلة القضائية.
- توضيح نوعية المحتوى الذي بوسعه أبنائهم وطلابهم الاطلاع عليه أو مشاركته مع الغير.
- التمييز بين التطبيقات والألعاب المناسبة لأبنائهم (من حيث العمر والثقافة) وتلك التي لا تلائمهم.
- تحديد عدد الساعات المناسبة التي يقضيها أطفالهم أمام شاشات الحاسوب أو الأجهزة اللوحية أو الهواتف الذكية.
- التحلي بالأخلاقيات والسعي لأن يكونوا قدوة حسنة في الإيجابية الرقمية والسلوكيات المحترمة والمهذبة على أجهزتهم وحساباتهم الخاصة.
- مشاركة الأبناء اللعب على الإنترنت عن كثب ومراقبة الطريقة التي تعمل بها هذه الألعاب.
- مساعدة الجيل الناشئ على وضع إعدادات الخصوصية والأمان في جميع الألعاب والتطبيقات.
- الحفاظ على تواصل مفتوح ومريح مع الأبناء، وحثّهم على مشاركة مشاعرهم وأيّ حوادث تنمر قد تواجههم في مراحلها الأولى حتى يتمكّن هوؤلاء الآباء من حلّ المشكلة وتقليل الضرر.
- حثّ الأبناء على عدم المشاركة في مظاهر التنمر الإلكتروني وإن بدت كمزحة، كأن يتمنعوا من وضع الإعجاب أو مشاركة التعليق المسيء أو نقله وهذا بالتالي سيحد من قوة تأثير الضرر.
اقرأ أيضًا: ماهي مهارات الاستماع وكيف تطورها؟
التبليغ عن التنمر الإلكتروني
مما لا شك فيه أن توثيق الاعتداء الإلكتروني فور حدوثه ومن ثم التبليغ عنه في الوقت نفسه ضروري لرصد التنمر الإلكتروني ومن ثم إيقافه وانتشال ضرره. فإن كنت ضحية لتنمر إلكتروني من أيّ نوع، أو شهدت حادثة تنمر معيّنة، احرص على اتباع الخطوات التالية:
- امتنع عن الرد أو نقل الرسالة المؤذية.
- أبقِ على أدلة التنمر الإلكتروني بحوزتك من التاريخ والوقت بالتحديد ووصف واف للموقف الذي بدر فيه التنمر وذلك عن طريق تصوير الشاشة وطباعتها أو طباعة الإيميل أو الرسالة المسيئة.
- استخدم هذه الأدلة للتبليغ عن التنمر إلى مقدمي خدمات الويب والاتصالات.
- قم بحظر مجرم التنمر الإلكتروني.
استكشف عوالم التحول والنمو الشخصي من خلال مقالاتنا الملهمة في مجال تطوير الذات! إطلع عليها الآن
وكما هو الحال مع الحياة المعتادة اليومية، قد لا يكون النقاش المفتوح عن حياة الأطفال الرقيمة ولا سيما المراهقين سهلًا على الدوام وبالتالي نوصي الآباء والمعلمين بالتحلي بالتفهم والصبر وتذكير من يرعونهم بأنهم مرجع آمن يُعتمد عليه، فالتوعية عن المخاطر الإلكترونية المحتملة ماهي إلا مدعاة للمعرفة والتسلح بقوتها وليس للخوف ومعاداة ما أصبح عالمنا عليه اليوم من تقدم.
المصادر: stopbullying, cyberbullying.attaa، youthranch, mawdoo3, twinkl
اقرأ أيضًا: هل تحتاج إلى بعض الإيجابية؟ إليك 9 قصص قصيرة ملهمة
Source link