لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس
[ad_1]
تمّت كتابة هذا المقال من قبل المتطوّعة مُنية منصور العبار.
مرحبا، هل سبق وفكرتم في عملية النجاح وتفاصيلها باعتبارها عملية مواكبة لحياتنا بشكل مستمر، وفهمها هو اتجاه البوصلة الصحيح لتجاوز إخفاقاتنا، وللوقف عندها والاستفادة منها حتى؟
سواء كانت إجابتكم نعم أو لا، سأطلعكم اليوم على شيء مختلف، دعونا نرى..
سأبدأ بمقولتي الشهيرة التي أرددها دائما: “الخبرة هي نتاجات التجربة، والذي أفلح هو الذي لم يكتف بتجربته، بل تعلم من تجارب الآخرين أيضا”.
أرسل قصتك الآن ،وكن جزءًا من برنامج “اكتب معنا” التطوعي لإثراء المحتوى على فرصة. شارك مقالتك الآن
في هذه المقالة سأخبركم تجربتي..
لكن قبل ذلك، دلالة اختياري لوقت كتابتها من السنة هي أن الإتيان متأخرا خير من عدمه، وتعمدت عدم نشر تجربتي في بداية هذه السنة.
حسنا، بدأ كل شيء في الصف الثامن (الثاني في المرحلة الإعدادية)، بسبب بعض الظروف، سافرت مع عائلتي إلى الأردن، ودرست هناك.
كانت المدرسة مختلفة عما عهدته، آليات وطرائق دراسية مختلفة ومتعددة، لم أستوعب هذا التوسع في البداية، كل المواد الدراسية متقدمة ومبهرة، اللغة العربية،والإنجليزية، والرياضيات، والفيزياء، والكيمياء، والتاريخ، والجغرافيا، كلها كانت مختلفة.
بدا كل شيء صعبا، واستصعبت تداركهم ومواكبتهم (زملاء صفي)، خاصة أنني بدأت معهم بعد بداية العام الدراسي بشهرين تقريبا، أي أن كل شيء كان ضدي تقريبا -أو هذا ما بدا لي.
حصلت في أول امتحان لي من كلّ مادة على علامات سيئة جدا، لم أحصل عليها في أي وقت مضى، بدأت أستجمع نفسي بعد تلك الصدمات المتتالية، أصبحت آخذ دروسًا في حصص الفنون والرياضة، لم يكن الأمر أن أعوض الدروس التي فاتتني، بل أن أبني نفسي في غضون شهر أو اثنين، وليصبح مستواي مجاريًا لزملائي، تطلّب هذا أن أعرف كيف أفكر بطريقة علمية ومنهجية، تطلب هذا مهارة التحليل والاستنتاج، ليس لأتفوق، بل لأستطيع اجتياز الامتحانات فقط.
تطلّب الأمر أن أفهم حصة كاملة باللغة الإنجليزية دون أي كلمة عربية (45 دقيقة تقريبا)، وآخر ما درسته في اللغة الإنجليزية كان كلمات بسيطة وأساسية جدا لا تخولني لشيء، لم تكن حتى جملا، تطلب الأمر جهدا مضاعفا، تطلب أن أرفع مستواي بمقدار أربع أو خمس سنوات في أقل من نصف سنة!
إن أي عاقل يُسأل هذا السؤال: “هل الأمر ممكن؟” كان سيجيب حتما بــ: “لا”، هذا كان المنطقي والمعقول والمفهوم، لكنني وضعت نفسي أمام خيارين لا ثالث لهما في تلك الأثناء، إما أن أبني نفسي وأنجح في ذلك، وإما أن أفعل.
لم يكن لدي خيار آخر، لم يكن عدم النجاح بالنسبة لي خيارا، كان كلمة خارج قاموسي، شددتُ همتي وبدأت، بذلت جهدا مضاعفا بمرات كثيرة، وبتوفيق الله، ومساعدات معلماتي وعائلتي، بدأت شيئا فشيئا أتقدم وأتداركهم، تحسنت لغتي العربية والإنجليزية، بدأت أفهم ما يدور في حصة اللغة الإنجليزية، كان أشبه بالحلم!
بدأت أفهم أكثر فأكثر، وأحلل وأفسر كما يفعلون…
جاء موعد الامتحانات، وضربة قاضية، نقصت علامة واحدة عن العلامة الكاملة (الدرجة النهائية) في اللغة الإنجليزية، وحصلتُ على علامات كاملة في معظم المواد، هل تصدقون؟!
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل وشاركت في مسابقة لكتابة القصيدة -شاركت فيها على سبيل المشاركة فحسب-، ولم أتخيل أبدا أنني سأفوز أنا فيها، وأزيدكم من الشعر بيتًا، انتهى العام الدراسي، وحصلت على النتائج…ضربة قاضية أخرى، كنتُ الترتيب الثاني على الصف.
ما الذي حدث بالضبط؟ كيف استطعت فعل كل هذا في غضون ثلاثة أشهر تقريبا؟
لم يكن أي شيء بمحض المصادفة، وتفسير ما حدث في ضوء مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية، أسميتها عوامل النجاح الخارق “اللا اعتيادي”، كالآتي:
أولا: عوامل النجاح الخارجية
وتشمل الآتي:
1- الضغط
الضغط، أهم عامل خارجي أثر في نجاحي، يتناسب الضغط تناسبا طرديا مع معدل النجاح، هذا العامل أظهر قدراتي التي ما علمتُ قبل ذلك بوجودها من الأساس.
وضعت سيناريو آخر، ماذا لو كان الفارق بيني وبينهم أقل، وجئت في بداية العام؟
عامل الضغط سيكون أقل، بالتالي كنت سأحتاج مجهودا أقل، وقلقا أقل، ونجاحا أقل، حتى لو وصلت لنفس المستوى الذي وصلت إليه في الواقع؛ لأن مدى التقدم هنا يقاس بالنسبة لي، مع الأخذ بعين الاعتبار بعوامل أخرى كالوقت.
2- الوقت
الوقت، ثاني أهم عامل خارجي حيثُ يتناسب الوقت تناسبا عكسيا مع النجاح، كلما أتيح وقت أكثر قلّ الضغط، بالتالي قلت فرصة النجاح، أو بالأحرى مدى التقدم النسبي.
ثانيا: عوامل النجاح الداخلية
ويندرج تحتها ما يلي:
1- العزيمة والإصرار
أول أهم عامل داخلي، يتناسب طرديا مع معدل النجاح، فلو كنت مضغوطا والأعمال وراءك متراكمة، وكان وقتك محدودا قصيرا، وكنت باردا لا تبالي، أي أنك تفتقد عامل العزيمة والإصرار، فلن يكون للعاملين الأولين تأثير عليك.
2- قوة التحمل
ثاني أهم عامل داخلي، يتناسب طرديًا مع الضغط إلى حد معين، فكلما زاد الضغط، زادت العزيمة -مع نسبية الأفراد، وزادت معها قوة التحمل والصبر، يدخل في هذا العامل تجاهل المحبطات وعثرات الطريق، وعدم جعل العوائق توقفك.
وكنتيجة لهذه العوامل، لو كنت مضغوطا ووقتك قليل، وكنت ذا عزيمة وإصرار وقوة تحمل، فستكون قادرا على تحقيق النجاح بأي درجة.
هذه العوامل قد تتواجد في حياتنا اليومية لكن بنسبة صغيرة، تجعل الإنجازات اليومية نجاحًا اعتيادا، لكنها عندما تجتمع بنسبة كبيرة مكثفة، ستجعل النجاح لا اعتيادي.
ما زالت آثار وإنجازات هذه التجربة بالذات ترتقي بي وفكري في مختلف المواقع والمواقف في حياتي، وما زلت أطوّر ما نتج عنها حتى هذه اللحظة.
والعبرة عند حدود نهاية هذه التجربة هو الاستمرار ودوام السعي للتقدم، فنسبيةُ النجاح والإنجاز تجعل منه أقل قيمة كلّما مضى عليه الوقت، ليس بما أضافه كخبرة وذكرى، وإنما بالوقوف عنده وعدم البناء عليه باعتباره أقصى إنجاز ممكن، فالقدرات البشرية لا حدود لها، وكلما زاد معدّل العوامل الأربعة المذكورة آنفا تزداد احتمالية تحقيق نجاح لا اعتيادي -مع الأخد بعين الاعتبار نسبية الأفراد وقدراتهم ومعتقداتهم وطرائق تفكيرهم.
إلا أنني أشير هنا إلى أن النجاح قيمة معروفة المعنى حتى لدى المختلفين؛ بسبب كونها قيمة بشرية سامية، تستوجب جموعًا من قيم أخرى كالجد والاجتهاد والإخلاص لتحقيقها.
ويسرني أنني أكتب الآن المقالات في مختلف الموضوعات باللغة العربية بعد أن قالت لي معلمة اللغة العربية في المرحلة الثانوية أنني لا أعرف كيف أعبر، ولن أستطيع الكتابة والتعبير بشكل جيد!
عن كاتبة المقال:
مُنية منصور العبار، طالبة في كلية الطب وجراحة الفم والأسنان، مشاركة ومتدربة في برنامج تبادل الثقافات العالمي، تحبّ قراءة الكتب وهوايتها كتابة المقالات والقصص.
مقالات أخرى لأصدقائنا المتطوعين:
اقرأ أيضًا:
Source link